سايمون بوابري- من الهيب هوب إلى نيوم.. قصة صعود نجم فرنسي

تبدلت مجريات الأمور حينما وصلته دعوة من شخص عزيز، أخوه من الأب سامي، الذي حثه على ترك دراجته النارية الـ BMX، وحركات الرقص الهيب هوب، ومهارات كرة السلة، والانخراط في عالم كرة القدم الساحرة.
لم يتردد طويلًا، بل اصطحبه شقيقه إلى اختبارات الشباب في نادي سانت إتيان العريق، وهناك انطلق في مسار مختلف تمامًا.
سايمون ناديلية بوابري، الوجه الجديد المنضم إلى صفوف فريق نيوم الأول لكرة القدم، هو لاعب فرنسي ذو أصول إيفوارية، يظهر عليه بجلاء أن جسده يعبر عن نفسه بالحركة والإبداع أكثر من الكلمات.
لم يكن لديه تصور دقيق عما يريده بالتحديد، لكنه كان يشعر بأن الرياضة هي البيئة التي ينتمي إليها بالفطرة.
مارس كل هذه الرياضات المتنوعة قبل أن يلتحق بالمدرسة بشكل منتظم، وتلك السنوات المبكرة شكلت له أساسًا قويًا، ولياقة بدنية عالية، وردود أفعال سريعة، وخيالًا واسعًا وإبداعيًا.
في البداية، أظهر والداه تحفظًا بشأن انخراطه المبكر في أكاديمية لكرة القدم، لكن سامي كان يرى فيه موهبة استثنائية.
وفي أول اختبار له، تجلى ذلك بوضوح، حيث لفتت طريقة لعبه أنظار المدربين، خاصة أسلوبه في رفع رأسه أثناء التحكم بالكرة، وهي سمة نادرة في هذه المرحلة العمرية.
يعتقد سايمون أن الفضل في ذلك يعود إلى تجربته في كرة السلة، التي علمته التركيز على المساحات المحيطة وليس فقط على الكرة نفسها.
مرت السنوات الأولى بسرعة البرق، ولكنها لم تخلُ من التحديات والصعاب. ففي سن الحادية عشرة تقريبًا، شعر سايمون بالإرهاق وربما بشيء من الشك في قدراته، وبدأت تراوده فكرة اعتزال اللعبة نهائيًا.
كانت لحظة عابرة، لكنها كانت كافية لإيقافه مؤقتًا. وكان دعم العائلة له في تلك الفترة حاسمًا. فابتعد عن سانت إتيان، وانضم إلى نادٍ صغير في منطقته أندريزيو بوثيون، وذلك لاستعادة توازنه النفسي والبدني بعيدًا عن الضغوط.
وبعد فترة وجيزة، شارك في بطولة صيفية للشباب. وهناك، رآه كشافو نادي موناكو الشهير. لم يكن هناك الكثير من الضجيج الإعلامي، ولكنهم لاحظوا فيه ما يكفي لإقناعهم بموهبته: مهارات فردية مذهلة، وهدوء وثبات انفعالي في التمرير، وقدرة فائقة على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة.
تواصلوا مع أسرته، وفتحوا له الأبواب للانضمام إلى أكاديمية موناكو المرموقة. فانتقل سايمون مع عائلته إلى جنوب فرنسا في عام 2021، وكان يبلغ من العمر آنذاك 15 عامًا.
لم يكن التأقلم بالأمر اليسير. فبيئة جديدة، ومتطلبات مختلفة، ومستوى تنافسي أعلى بكثير. لكنه لم يستسلم أبدًا. عمل بجد وإصرار، وبدأ يثبت أقدامه تدريجيًا.
لعب مع فرق تحت 17 عامًا ثم تحت 18 عامًا، حتى وصل إلى الفريق الرديف. وفي موسم 2022-2023، أسهم بشكل فعال في تتويج شباب موناكو بكأس جامبرديلا، حيث سجل هدفًا في المباراة النهائية وصنع هدفًا آخر.
بعد ذلك شارك في دوري أبطال أوروبا للشباب مع فريق تحت 19 عامًا.
كانت أرقامه جيدة ومبشرة: 28 مباراة، 7 أهداف، و3 تمريرات حاسمة. لم يكن النجم الأوحد في الفريق، لكنه كان دائمًا حاضرًا ومؤثرًا، وهو ما جعله يحظى بفرصة الظهور مع الفريق الأول في بعض مباريات الدوري والكأس.
وفي يونيو 2023، وقّع أول عقد احترافي له مع نادي موناكو.
أما على الصعيد الدولي، فقد مثّل فرنسا في مختلف الفئات العمرية: تحت 16 عامًا، وتحت 17 عامًا، وتحت 18 عامًا، وتحت 19 عامًا.
برز بشكل لافت في يورو 2023 للناشئين، وتم اختياره ضمن التشكيلة المثالية للبطولة. وفي كأس العالم للشباب في إندونيسيا، سجل هدفًا في المباراة النهائية ضد ألمانيا، لكن فرنسا خسرت بركلات الترجيح.
بعد ذلك حصد الميدالية الفضية في يورو 2024 مع منتخب تحت 19 عامًا.
وبعيدًا عن المستطيل الأخضر، حرص سايمون على مواصلة دراسته، وأنهى تعليمه الثانوي في التخصص العلمي في عام 2024.
كانت عائلته دائمًا جزءًا لا يتجزأ من رحلته، وكان والده على وجه الخصوص يحفزه بعرض مقاطع فيديو قديمة لنجوم كرة القدم، مثل جارينشا وبيليه ومارادونا ورونالدينيو، لتكون مصدر إلهام له في مسيرته الكروية.
واليوم، ينطلق سايمون في رحلة جديدة ومثيرة مع نيوم.. تلك المدينة التي تتجاوز كل ما سبقها، وتسعى جاهدة لصنع تاريخ جديد وفريد.
في هذه الأرض التي وُلدت من رحم الخيال لتصبح حقيقة ملموسة، يبدأ فصل جديد مليء بالتحديات والفرص، حيث لا توجد حدود للطموح، ولا سقف للأحلام.